أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار عاجله / ليست المرة الأولي ولا الأخيرة في الأراضي المحتلة .. حكاية رمسيس الثاني وآثاره في فلسطين

ليست المرة الأولي ولا الأخيرة في الأراضي المحتلة .. حكاية رمسيس الثاني وآثاره في فلسطين

كتب : مصطفى سليم

عدة اكتشافات لآثار مصرية فى فلسطين المحتلة، والتي وجدت طريقها لوكالات الأنباء والصحف العالمية، آخرها اكتشاف سراديب تنتمي لعصر رمسيس الثاني فرعون المجد والانتصار في العالم القديم، حيث لا تمر سنة أو عام من أعوام الدنيا حتى يُعلن عن اكتشاف أثر مصري من الآثار المصرية القديمة؛ لتدل على عمق التواجد المصري فى بلاد الشام منذ العصور الفرعونية.

في عام 2016م، أُعلن عن اكتشاف أثر مصري نادر في الحفريات الأثرية المتواجدة بمنطقة تل القمر القريبة من بحيرة طبرية ، والأثر المصري الذي تم اكتشافه عبارة عن لوحة حجرية قديمة، تحمل رموزاً ونقوشاً مصرية قديمة، وتعد الأولى من نوعها الذي يتم اكتشافها في هذا الموقع الأثري، ولم يتم اكتشاف مثلها في مصر. إنها لوحة حجرية تحمل شعارات ورموزا مصرية قديمة ترجع إلى عهد السلالة الأولى التي كانت تعيش في مصر عام 3000 قبل الميلاد، أو قبل ذلك التاريخ بقليل، ولكن هذا الأثر الذي قدم تساؤلات عدة حول مصدره، وكيف وصل الحجر الذي يعود عمره إلى نحو 3400 عام تقريبا إلى السواحل الفلسطينية المحتلة؟ .

وفى العصور القديمة كان الغزو البربري الهكسوسي القادم من آسيا درسا قاسيا للمصريين، كما يوضح الدكتور محمد رأفت عباس مؤلف كتاب العسكرية المصرية ليُدرك المصريين أن حضارتهم ودولتهم وأمتهم لن يكون لها وجود إلا من خلال توافر القوة العسكرية اللازمة لحماية أمنهم ومنجزاتهم الحضارية، فقد كان لهزيمة المصريين الحربية أمام الهكسوس أثر نفسي عميق في الشخصية المصرية، فجاء التحول الكبير والحاسم في شخصية المصري القديم، الذي تحول من شخص مسالم منشغل بالاستقرار والزراعة والتشييد على ضفاف النيل إلى جندي محارب شديد البأس والقوة، استطاع فرض قوته وسطوته العسكرية والقتالية على سائر شعوب وأمم العالم القديم، وقد كان عليه أن يقوم بتأمين حدوده في عمقه الاستراتيجي حيث بلاد الشام كلها ومنها فلسطين .

وقال الدكتور محمد رأفت عباس الباحث في علم المصريات والمؤرخ المتخصص في دراسة العسكرية المصرية القديمة ومؤلف كتاب “الجيش في مصر القديمة ـ عصر الدولة الحديثة  1550 – 1069 ق.م ” إن شخصية المصري القديم كانت تميل إلى السلم بفضل الحياة الزراعية الآمنة المستقرة التي كان يحياها على ضفاف نهر النيل، وكان يميل إلى الاهتمام بتشييد وبناء أسس حضارته العظيمة في النواحي الفكرية والمادية، مؤكداً أنه بدأت تظهر بواكير أول جيش نظامي في مصر مكون من عشرات الآلاف من المجندين، وذلك لمواجهة البدو القاطنون على حدود مصر الشرقية الذين قاموا بإحدى غاراتهم على الدلتا، مؤكدا أنه عمل الملوك الأوائل للدولة الحديثة على تكوين وتطوير الجيش المصري بشكل كبير ليكون الدرع الواقي والحامي لمصر في مواجهة أي غزو أو تهديد خارجي، كذلك فقد ظهرت لدى الجندي المصري القديم أسس العقيدة القتالية التي اعتنقتها العسكرية المصرية، وبالفعل شهدت النظم العسكرية المصرية تطورا مذهلا في كافة أفرع القوات المسلحة المصرية مع مطلع عصر الدولة الحديثة .

وقُسم الجيش المصري إلى فرق من المشاة والمركبات الحربية والقوات البحرية ، بل شمل التطور كذلك نظم التسليح المختلفة داخل الجيش المصري .. ولقد تحقق التفوق في آلة الحرب المصرية، والتفوق الهائل للجيش المصري ، منذ النصف الثاني من القرن السادس عشر قبل الميلاد ، واستمر بلا انقطاع لمدة تصل إلى نحو مائتي سنة متصلة .

وأوضح محمد رأفت عباس أنه كان بديهيا أن يدرك المصريون أن التخلص من الاحتلال الأسيوي لن يأتي إلا بإرادة شعبية عظمى وقوة عسكرية ضاربة ، فقضى المصريون وقتًا طويلاً في الإعداد لحرب التحرير ضد المحتلين الهكسوس، وبالفعل خاض ملوك الأسرة السابعة عشرة سقنن رع تاعو الثاني وكامس حرب التحرير المجيدة ضد الغزاة الهكسوس، وحقق كامس انتصارات عسكرية حاسمة ضد أعداء مصر حدت من مناطق تواجدهم كثيرا، حتى جاء الانتصار العسكري الكبير والحاسم والتحرير على يد فرعون مصر الباسل أحمس الأول – مؤسس الدولة الحديثة – الذي استطاع طرد الهكسوس من مصر نهائيا، بل ومطاردتهم وتتبعهم في فلسطين ولبنان، لتتخلص مصر نهائيا من ذلك المحتل البغيض، ولتبدأ مرحلة جديدة ومجيدة في تاريخها الشامخ، وهو عصر الدولة الحديثة ( 1550 – 1069 ق.م) .

وقد كان من أهم هذه المعارك على الإطلاق فى تاريخ مصـر القديمة معركة مجـدو التي وقعت في العام الأول من عهد الفرعون المحارب الشهير تحـتمس الثالث، كما تعد معركة قادش الشهيرة التي وقعت بين فرعون مصر المحارب الملك رمسيس الثاني والحيثيين وحلفائهم بقيادة ملكهم مواتلى، وذلك في العام الخامس من عهد الفرعون (حوالي 1274 ق.م )، واحدة من أشهر وأبرز معارك تاريخ العالم القديم.

ويشير شيخ الأثريين سليم حسن في موسوعة مصر القديمة للعالم وبحثه رمسيس الثاني وقيام الإمبراطورية المصرية الثانية، إن الخطة الحكيمة التي اخترعها عقل تحتمس الثالث الجبار في حروبه مع آسيا الاستيلاء على بلاد الشام كلها والإيغال في داخلها، وأن يبدأ بتأمين طرق مواصلاته بالاستيلاء أولًا على موانئ الساحل، ومن ثم يوغل في الداخل حيث يلتقي مع خيتا للمرة الأولى.

وقد كانت أول حملة أو زيارة قام بها رمسيس موجهة إلى ساحل فينيقيا، وقد أوغلت في سيرها حتى بيروت، وهناك أقام لوحة على نهر الكلب في السنة الرابعة، وقد وجدت كذلك لوحتان في هذه الجهة، غير أن تاريخهما ليس معروفًا تمامًا لتآكل ما عليهما من نقوش، ولا نعرف على وجه التأكيد إذا كان رمسيس الثاني قد حارب في هذه الجهة أم لم يحارب، والأمر الهام الذي نستخلصه من وجود هذه اللوحة في تلك البقعة أنها تعد على وجه التقريب آخر ما وصلت إليه فتوح سيتي والد رمسيس الثاني أو بعبارة أخرى حدود إمبراطوريته، وأن رمسيس الثاني قد جاء بشخصه إلى فينيقيا، وأخيرًا تبين لنا التقدم الذي وصل إليه نحو الشمال ومابين السنة الخامسة، والثامنة هبَّ كل أمراء فلسطين بالثورات على رمسيس بتحريض من خيتا؛ ولذلك اضطر إلى إعادة فتح كل أملاكه الأسيوية من جديد مبتدئًا بعسقلان، ولدينا على جدران معبد الكرنك منظر يمثل الهجوم على مدينة عسقلان، والنقوش المفسرة للمنظر تشير إلى قيام عصيان فيها، والواقع أن عسقلان لم تكن المدينة الوحيدة التي شقت عصا الطاعة، بل لا بد أنها كانت في حلف مع مدن فلسطين الأخرى.

وفي هذا المنظر نشاهد الملك في عربته يهاجم الأسيويين ذوي اللحى، وهم مصطفون فوق شرفات المدينة الواقعة على مرتفع من الأرض، ويلاحظ أن سلالم الهجوم قد نُصبت، وأن ضابطًا مصريًّا يهدم بوابة المدينة ببلطته، في حين نشاهد السكان على الجدران يطلبون الرحمة، ولم تحل السنة الثامنة من حكم رمسيس حتى كان قد وصل إلى شمال فلسطين ثانية، واستولى على مدينة الجليل الغربي، ومن المحتمل في هذه الفترة أن إقليم شرق الأردن أي حوران كان قد عاد ثانية في قبضة الفرعون رمسيس الثاني، إذ قد دون هناك موظف نقشًا تذكاريًّا لنفسه مثل عليه، وهو يقدم القربان لأحد الآلهة المحلية، ويحمل على ما يظهر اسمه السامي وقد استولى على بلاد نهرين، ورتنو السفلى التي تقع شمال سوريا، وإرواد، وبلاد كفتيو، وقطنة على نهر الأرنت.

وخلاصة القول أن رمسيس الثاني بعد أن ارتكب غلطته الطائشة في بادئ حروبه مع خيتا عندما سار بجيشه، وألقى بنفسه ببراءة وسذاجة في الفخ الذي نُصب له عند قادش أصبح — بعد أن حنكته التجارب وصهرته ميادين القتال وحيل الأعداء وثوراتهم العديدة جنديا ثابت الجنان، واسع الحيلة، مما جعله في نظر جيرانه الخيتا خطرًا حقيقيًّا على دولتهم وقد وصلتنا بردية تتحدث عن جنوبي سوريا وفلسطين من الوجهة التجارية، ومنها نعلم أن سميرا وهى بلدة ببلاد الشام كانت تُدعى باسم رمسيس الثاني وهي سميرا سسو، وسسو تصغير اسم رمسيس الثاني، وذلك يبرهن على أن هذا الحصن كان ضمن أملاك مصر، وبذلك بقي نهر الكلب الحد الفاصل لأملاك مصر في آسيا في العهد القديم.

 وقال الخبير الأثري الدكتور محمد رأفت عباس في تصريح لــ”بوابة الأهرام، إن من أبرز سمات السياسة للإمبراطورية المصرية خلال عهد الرعامسة في بلاد كنعان (فلسطين) ، الخاضعة للحكم المصري آنذاك، كان يتمثل في إنشاء عدة مراكز إدارية وحاميات عسكرية مصرية في المواقع الإستراتيجية الهامة في أرض فلسطين، وذلك لدعم الهيمنة الإمبريالية المصرية في بلاد كنعان، ولقد تمكن علماء الآثار على مدار عدة عقود منذ بداية القرن العشرين من الكشف عن العديد من هذه المواقع المصرية في أرض فلسطين، والتي كان أبرزها على الإطلاق موقع بيت شان تل الحصن الحالية في بيسان، الواقعة جنوب بحر الجليل على الضفة الغربية لنهر الأردن، حيث عثر هناك على المركز الإداري والحامية العسكرية المصرية خلال عهد الرعامسة، والتي كانت لموقعها الاستراتيجي تؤمن النفوذ العسكري لمصر في كنعان، وقد أقام بها العديد من الموظفين والدبلوماسيين والإداريين المصريين الذين أوكل إليهم إدارة شئون الولايات المصرية في كنعان، وقد استمر تواجد الحامية العسكرية المصرية هناك حتى عهد رمسيس الثالث ثاني ملوك الأسرة العشرين على أقل تقدير، كما تشير الأدلة الأثرية والنصية.

وقد تم الكشف في موقع بيت شان على العديد من الآثار المصرية الفريدة من عهد الرعامسة، كان أبرزها على الإطلاق لوحتي انتصار الملك سيتى الأول المعروفتين باسم لوحة “بيت شان الأولى ولوحة بيت شان الثانية”، وتتواجدان حاليا في متحف فلسطين للآثار بالقدس .. كما تم العثور على مقر الحاكم المصري هناك.  

 ويأتي في المقام الثاني موقع يافا الشهير، وقد تم الكشف هناك على بوابة الملك رمسيس الثاني الشهيرة ، والعديد من الآثار المختلفة الدالة على التواجد المصري في كنعان.

 ويوضح محمد رأفت عباس، أن الأدلة الأثرية والنصية المصرية قد أشارت إلى أن مدينة غزة أو با كنعان في المصادر المصرية ، كانت تعد المركز الرئيس للإمبراطورية المصرية في بلاد كنعان (فلسطين) خلال عهد الرعامسة.

 وتشير الدراسات وأعمال الحفائر الأثرية أن هناك عدة مواقع في مختلف أراضى فلسطين يعتقد العلماء في كونها مراكز إدارية وعسكرية مصرية فى دير البلح وأشدود وعسقلان وغيرها، حيث لا تزال الدراسات تجرى على قدم وساق منذ عقود للكشف عن طبيعة التواجد المصري في فلسطين خلال عهد الرعامسة.

 أما الاكتشاف الذي تم الإعلان عنه بالأمس ، فالأرجح أنه كان مركزا لحامية مصرية في كنعان (فلسطين) لحماية النفوذ المصري، ويمكننا القول أن أرض فلسطين لا تزال حقلاً خصبا لدراسة طبيعة حكم الإمبراطورية المصرية فى بلاد الشام خلال عهد الرعامسة .

اثار تعود لعصر رمسيس الثاني في فلسطين المحتلة

وأعلن مساء أمس الأحد، عن اكتشاف سرداب “فريد” لدفن الموتى يعود تاريخه إلى عهد الفرعون رمسيس الثاني ويضم عشرات القطع الفخارية والنحاسية والعظام، وعثر في المكان على أوعية، بعضها مطلي بالأحمر وبعض آخر يحوي عظاما، وكذلك على كؤوس وأقدار وجِرار ومصابيح ورؤوس حربة برونزية،  وعُثر على هذه المتعلّقات وهي بمثابة قرابين جنائزية تهدف إلى مرافقة المتوفى في رحلته إلى الآخرة، سليمة منذ وضعها هناك قبل حوالي 3300 عام.

آثار تعود لعصر رمسيس الثاني في فلسطين المحتلة

شاهد أيضاً

استشهاد 7 وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي بغزة ونابلس وخان يونس

كتب : احمد عبدالله استُشهد 7 مواطنين وأصيب آخرون بجروح في قصف الاحتلال الإسرائيلي على ...