كتب : مصطفى سليم
كانت إهناسيا ـ وهي إحدى مراكز محافظة بني سويف السبعة ـ عاصمة الإقليم العشرين قبل توحيد القطرين، كما كانت عاصمة لمصر في عصر الأسرتين التاسعة والعاشرة المصرية القديمة، وينسب إليها كثير من الأساطير الدينية القديمة.
بدوره يقول الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين في وزارة السياحة والآثار إن إهناسيا عُرفت قديما باسم (حت نن سوت)، أي مقر “الطفل الملكي”، ثم عُرفت في اليونانية باسم “مدنية هرقل” لربط اليونانيين بين هرقل ومعبودها المدنية “حر حرى شاف” برمز حيوان النمس.
ونالت المدنية عناية من كل الملوك طوال عصورها؛ لأهميتها الدينية، فطبقا للأساطير المصرية أن الشمس ظهرت لأول مرة في إهناسيا في يوم خلق السماء والأرض، وعلى أرضها تُوج أوزوريس، وبعد موته أُعلن حورس ابنه ملكًا، ومنها بدأت “سخمت” بأمر من أبيها رع تدمير البشر الذين سخروا منه في أسطورة “هلاك البشر”، وفى إهناسيا خرجت قصة “الفلاح الفصيح” التي تعتبر درة الأدب المصري القديم.
ويوضح شاكر، أن ملوك الدولة الوسطي والحديثة قد اهتموا بإهناسيا؛ لأنها تقع علي أول الطريق الموصل إلي ليبيا، وقد ترك لنا رمسيس الثاني بالمنطقة تمثالين يرتفع أحدهما 4.4 متر، والثاني بطول 8.2 أمتار، كما ترك تمثالاً مصغراً، وهو جالس علي عرشه، في مدخل معبد الإله “حري شف” بالمنطقة، كما عُثر علي مجموعة من المقابر من عصر الأسرة 22، وبها نقوش مختلفة، ومازالت بقايا أعمدة المعبد الروماني موجودة حتى الآن بالمنطقة، كما خرجت من المنطقة مجموعة كبيرة من الآثار الصغيرة المتمثلة في الأواني الكانوبية “أواني حفظ الأحشاء”، عند تحنيط المتوفى، والتمائم، والأواني الفخارية، والحُلي الموجودة في متحف بني سويف حالياً.
ومؤخرًا، تم العثور بمحض الصدفة على أواني كانوبية من مقبل منطقة آثار بني سويف، والتي عثر عليها على سطح الأرض، ويوضح مجدي شاكر، أن الأواني الكانوبية ليست في مقبرة؛ مما يُرشح أنها نُهبت من مقبرة من عصور سابقة.
وتم العثور على الأواني الكانوبية، وهى أربع أواني كانت تضم الأعضاء الداخلية المستخلصة أثناء عملية التحنيط، وكانت الآنية الكانوبية تحمل أغطية برؤوس أبناء المعبود حورس الأربعة الذين كان من واجبهم حماية الأعضاء الداخلية للمتوفى، وهم: المعبود “إمستي”، برأس بشر، وهو الروح التي تحمي الكبد؛ و”حبي”، برأس قرد البابون، ومسئول عن الرئتين؛ و”دواموتف”، برأس ابن آوى مسئول عن حراسة المعدة؛ و”قبح سنو أف”، برأس صقر، مسئول عن حماية الأمعاء.
وتنوعت شكل الأواني الكانوبية من عصر لآخر، فمنها المصنوع من الحجر الجيري أو الفخار أو الألباستر لكل متوفى حسب مستواه الاجتماعي والديني والمادي.